مسليميديا نيوز - الإسراء والمعراج ... منحةٌ بعد محنة.
فأما المنحة فكانت في ليلة السابع والعشرين من شهر رجب حيث أُسري بالحبيب المصطفى ﷺ من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى , من مكة إلى القدس وهنا نرى الارتباط بين مكة والقدس , ثمّ عُرجَ به ﷺ من القُدسِ إلى السماء , فالقُدسُ إذا معراجنا إلى السماء ..
وارتقى به ربه جلّ وعلا من سماءٍ إلى سماء حتى وصل إلى سدرة المنتهى , {عِنْدَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى * عِنْدَهَا جَنَّةُ الْمَأْوَى * إِذْ يَغْشَى السِّدْرَةَ مَا يَغْشَى * مَا زَاغَ الْبَصَرُ وَمَا طَغَى * لَقَدْ رَأَى مِنْ آَيَاتِ رَبِّهِ الْكُبْرَى } , وصل ﷺ إلى مكانٍ لم يصله أحدٌ قبلهُ قط حتى جبريل "عليه السلام" وقف وقال :
تقدم يا طــــه تقدّم للقاءِ ربك , فكان ذلك اللقاء تشريفاً وتكريماً للحبيب المصطفى ﷺ ..
الحضرةُ الإلهية تتجلى على الحضرةِ المحمدية وهو بالأفق الأعلى في كنف محبوبه سبحانه ..
ولكن السؤال هنا : متى كانت هذه المكرمة للنبي ﷺ ؟؟ ماهو الحدث الذي سبقها في حياته ﷺ ؟؟
هنا نرى المحنةَ التي سبقت هذه المنحةَ العظيمة , المحنةُ كانت رحلتهُ إلى الطائف عندما ضاقت عليه الدنيا في مكة , عندما منعه قومه وعذبوه توجَّه إلى الطائف , ذهب إليهم ليُخرجهم من الظلمات إلى النور , ولكنهم أغلقوا قلوبهم وأصموا آذانهم ورفضوا دعوته ﷺ ولم يكتفوا بذلك بل جعلوا سفاءهم وصبيانهم يشتمونهُ ويضربونهُ بالحجارةِ حتى أدموا قدميه الشريفتين ..
ولم يكن منه ﷺ إلا أن جلس يناجي ربه :
{ اللهم إليك أشكو ضعفَ قوتي وقلةَ حيلتي وهواني على الناس , إلى من تكلني يا رب إلى بعيدٍ يتجهمني أم إلى عدوٍ ملكته أمري , إن لم يكن بك غضبٌ عليّ فلا أُبالي , لك العتبى حتى ترضى , لك العتبى حتى ترضى }
هكذا كان يناجي محبوبه وهو طريدُ مكةَ والطائف , وقلبهُ الشريف مملوءٌ بالرضا عن ربهِ عبودية واستسلام ورضا ..
وعندما خُيّرَ في نوع العذاب الذي سينزل على قومه لم يكن جوابه إلا : { اللهم اهد قومي فإنهم لايعلمون }
وهنا يتجلى الحق عليه , إن لم يعرف قدركَ أهلُ الأرض فسيعرف قدركَ أهلُ السماء ..
فبهذه الأحوال الصادقة وبهذا الرضا عن الله وبهذا الصفح الجميل عن العباد نال ﷺ مكافأة الإسراء والمعراج ..
فاعلموا أيها الأحبة أنه من صبر على المحن ورضي بقضاء ربه كافأه الله على صبره وعبوديته بالمنحِ الكريمةِ وبالرضا والرضوان .. }
من #نفحات #الإسراء_والمعراج ل #سماحة_مفتي_سوريا الشيخ الدكتور #أحمد_بدر_الدين_حسّون بارك الله بعمره via facebook